الأربعاء، 5 ديسمبر 2007

وليم شكسبير



ويليام شكسبير (1564 ـ 1616) كبير الشعراء الإنكليز. كان ممثلاً ومؤلفاً مسرحياً. سبر في مسرحياته أغوار النفس البشرية، وحلّلها في بناء متساوق جعلها أشبه شيء بالسيمفونيات الشعرية. من أشهر آثاره الكوميدية كوميديا الأخطاء (1592/1593) وتاجر البندقية (1596/1597). ومن أشهر آثاره التراجيدية روميو وجوليت (1594/1595)، ويوليوس قيصر (1599/1600) وهاملت (1600/1601)، وعطيل (1604/1605)، ومكبث (1605/1606)، والملك لير (1605/1606 أيضاً).

حياته

يعد شكسبير من أبرز الشخصيات في الأدب العالمي إن لم يكن أبرزها على الإطلاق. يصعب تحديد عبقريته بمعيار بعينه من معايير النقد الأدبي. وإن كانت حكمته التي وضعها على لسان شخصيات رواياته خالدة في كل زمان. هناك تكهنات وروايات عديدة عن حقيقة شخصيته التي يكتنفها الغموض والإبهام. وعن حياته التي لا يعرف عنها إلا القدر اليسير. والثابت أن أباه كان رجلاً له مكانته في المجتمع، وكانت أمه من عائلة ميسورة الحال. وقيل إنه بلغ حداً من التعليم، مكنه من التدريس في بلدته ستراتفورد – أون – آفون التي يوجد بها الآن مسرح يسمى باسمه، يقوم بالتمثيل على خشبته أكبر الممثلين المتخصصين في رواياته. ومن الثابت أيضاً أنه تزوج من آن هاثاواي، وأنجب منها ثلاثة أطفال، وفي 1588 انتقل إلى لندن وربط حياته بالمسرح هناك. وفي 1589 أخرجت أولى مسرحياته وهي أما مسرحية كوميديا الأخطاء أو الجزء الأول من مسرحية هنري السادس. وفي 1599 اشترك في إدارة مسرح جلوب الشهير. وقد كان شكسبير رجل عصره على الرغم من عالمية فنه إذ تأثر إلى حد بعيد بمعاصريه من كتاب المسرح مثل توماس كيد وكريستوفر مارلو، وخاطب مثلهم الذوق الشعبي في عصره وهو الذوق الذي كان يهوى المآسي التاريخية بما فيها من عنف ومشاهد دامية. كما كان يهوى المشاهد الهزلية ذات الطابع المكشوف التي كانت تتخلل المسرحيات التراجيدية لتخفف من حدة وقعها. غير أن شكسبير هذب القصص التي نقلها عن المؤرخ هوليتشد لتاريخ إنجلترا واسكتلندا كما هو الحال في مسرحيات ماكبث، والملك لير، وسمبلين، وريتشارد الثالث، وعن المؤرخ الروماني بلوتارك كما في مسرحية أنطونيو وكليوباترا. وأضاف إلى ذلك كله عمق تحليله للنفس البشرية، فضلاً عن شاعريته الفياضة في تصوير المواقف التاريخية والعاطفية الخالدة حتى جعل من المسرح الإنجليزي فناً عالمياً رفيعاً. ومن المتفق عليه بين معظم الباحثين والدارسين أن 38 من المسرحيات لا يشكل في نسبتها إليه، وأن مراحل إنتاجه الأدبي يمكن تقسيمها إلى مراحل أربع: أولها (1590 – 1594) وتحوى مجموعة من المسرحيات التاريخية منها كوميديا الأخطاء، وهنري السادس وتيتوس اندرونيكوس، والسيدان من فيرونا وجهد الحب الضائع والملك جون، وريتشارد الثالث، وترويض النمرة والأخيرتان ترجمتا إلى العربية، والثانية هي المرحلة الغنائية (1595 – 1600) وتشتمل على معظم قصائده الشهيرة وبعض مسرحياته الخفيفة مثل ريتشارد الثاني وحلم منتصف ليلة صيف وتاجر البندقية التي ترجمت جميعاً إلى العربية مع بعض روائعه الشهيرة مثل روميو وجوليت، وهنري الخامس، ويوليوس قيصر، وكما تهواه وقد ترجمت جميعاً إلى العربية. ومن مسرحيات هذه المرحلة كذلك زوجات وندسور المرحات وضجيج ولا طحن، أما المرحلة الثالثة (1600 – 1608) فهي أهم المراحل على الإطلاق، إذ تمثل نضوجه الفني، فقد كتب فيها أعظم مسرحياته التراجيدية مثل هاملت، وعطيل، والملك لير وماكبث وأنتوني وكليوباترا، وبركليز وكريولينس ودقة بدقة وقد ترجم معظمها إلى العربية. ومنها ما ترجم أكثر من مرة، ومنها ما بلغ عدد ترجماته العشرة مثل هاملت. ومن مسرحيات هذه المرحلة أيضاً تيمون الأثيني. وخير ما انتهى بخير. ثم تأتي المرحلة الرابعة (1609 – 1613) التي اختتم بها حياته الفنية وقد اشتملت على مسرحيات هنري الثامن، والعاصفة مما ترجم إلى العربية، وعلى مسرحيتي قصة الشتاء وسمبلين. وفي هذه المرحلة نجد العواصف النفسية العنيفة وقد خبت وتحولت في نفس الشاعر إلى نظرة تقبل ورضى وأمل وتأمل.

شكسبير كاتباً مسرحياً

يمكن تقسيم نتاج شكسبير المسرحي إلى ثلاثة أنواع رئيسة هي: المأساة والملهاة والمسرحيات التاريخية، كما كتب عدداً من المسرحيات التي يصعب إدراجها ضمن هذه التصنيفات المألوفة، واعتاد النقاد إطلاق صفة «المسرحية الرومنسية» أو «التراجيكوميدية» عليها. ومن الممكن، ابتغاءً للسهولة، تقسيم نتاجه إلى أربع مراحل، مع أن تاريخ كتابته للمسرحيات غير معروف بصورة مؤكدة. تمتد المرحلة الأولى من بداياته وحتى عام 1594، والثانية من 1594ـ 1600، والثالثة من 1600ـ1608، والأخيرة من 1608ـ1612. وهذه التقسيمات تقريبية وضعها مؤرخو المسرح ونقاده لمتابعة تطور حياته الأدبية ضمن إطار واضح. تقع المرحلتان الأولى والثانية ضمن مرحلة المسرح الإليزابيثي Elizabethan Theatre نسبة إلى الملكة إليزابيث الأولى، أما المرحلتان الثالثة والرابعة فتقعان ضمن مرحلة المسرح اليعقوبي Jacobean نسبة إلى الملك جيمس (يعقوب) الأول James (Jacob) الذي تولى العرش في 1603 وتوفي عام1625

وهناك تكهنات وروايات عديدة عن حقيقة شخصيته التي يكتنفها الغموض والإبهام، وعن حياته التي لا يعرف عنها إلا القدر اليسير. والثابت أن أباه كان رجلاً له مكانته في المجتمع، وكانت أمه من عائلة ميسورة الحال. وقيل أنه بلغ حداً من التعليم مكّنه من التدريس في بلدته "سترانفورد" التي يوجد بها مسرح يسمى باسمه. كان شكسبير رجل عصره على الرغم من عالمية فنه، إذ تأثر إلى حدٍّ بعيد بمعاصريه من كتاب المسرح، وخاطب مثلهم الذوق الشعبي في عصره، وهو الذوق الذي كان يهوى المآسي التاريخية بما فيها من عنف ومشاهد دامية. كما كان يهوى المشاهد الهزلية ذات الطابع المكشوف التي كانت تتخلل المسرحيات التراجيدية لتخفف من حدة وقعها. غير أن شكسبير هذّب القصص التي نقلها عن المؤرخ هوليتشد لتاريخ إنكلترا واسكوتلندا، كما هو الحال في مكبث والملك لير، وسمبلين، وريتشارد الثالث. وعن المؤرخ الروماني بلوتارك، كما في مسرحية "انطوني وكليوباطرا". وأضف إلى ذلك كله عمق تحليله للنفس البشرية، فضلاً عن شاعريته الفياضة في تصوير المواقف التاريخية والعاطفية الخالدة، حتى جعل من المسرح الإنكليزي فناً عالمياً رفيعاً.

هذا ويمكن تقسيم مراحل إنتاجه الأدبي إلى مراحل أربع: أولاها (1590-1594) وتحوي مجموعة من المسرحيات التاريخية منها "كوميديا الأغلاط" و"هنري السادس" و"تيتوس أندرونيكوس" و"السيدان من فيرونا" و"جهد الحب الضائع" و"الملك جون" و"ريتشارد الثالث" و"ترويض الشرسة".

نسب بعض النقاد المتقدمين مؤلفاته إلى آخرين منهم الفيلسوف فرانسيس بيكون، ومنهم أيرل أكسفورد السابع عشر. وقال آخرون إنه من أصل عربي وإن اسمه جاء تحريفاً لاسم الشيخ زبير.وكلها أقوال لم تثبت بالأدلة القاطعة والمقنعه ولم يقم عليها الدليل العلمي وإن كانت هناك بحوث كثيرة في هذا الصدد. ولقد اشترك كثير من كبار الشعراء في القرنين 18، 19 في جمع مسرحياته ونقدها وإن اختلفت وجهات النظر وتعددت أساليب النقد. ففي القرن 18 اعترض كتاب من أمثال جون درايدن وألكسندر بوب على ما اعتبروه إسراف شكسبير في الخيال والتعبير، أما شعراء القرن 19 من أمثال صامويل تايلر كولريدج فقد أعطوا الشاعر الكبير حق قدره. وكذلك الحال بالنسبة إلى نقاد القرن 20 من أمثال ت. س. إليوت ممن أكدوا عالمية فنه وخلود أدبه. هذا وقد كان لشكسبير أثره الكبير في آداب جميع الأمم على الإطلاق، وتأثر به جميع الكتاب والشعراء والأدباء في كل البلدان وفي كل العصور في القارة الأوروبية وفي الأمريكتين وفي غير ذلك من القارات في القرن 17، 18، 19، وفي غير ذلك من القرون. أما في الأدب العربي فقد تأثر به كثير من الأدباء، وترجمت معظم مسرحياته وقدمت في المسرح والسينما والإذاعة، وكان لإدارة الثقافة بجامعة الدول العربية في الأيام الأخيرة فضل القيام بترجمة جميع مؤلفاته تلك التي صدر منها حتى الآن 12 مسرحية، وهي بصدد إصدار باقي مسرحياته حسب ترتيبها التاريخي.


من أقـواله

    أكون أو لا أكون هذا هو السؤال.
    أنك تقتل يقظتنا..الذي يموت قبل عشرين عاماً من أجله، إنما يختصر مدة خوفه من الموت بنفس العدد من السنين..
    إن أي مركز مرموق كمقام ملك ليس إثماً بحد ذاته، إنما يغدو إثماً حين يقوم الشخص الذي يناط به ويحتله بسوء استعمال السلطة من غير مبالاة بحقوق وشعور الآخرين..
    الرجال الأخيار يجب ألا يصاحبوا ألا أمثالهم...
    هناك أوقات هامة في حي كبير، وان كل الرجال والنساء ما هم إلا لاعبون على هذا المسرح..
    لا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجاً.. فإذا جاء طلبت منهُ كل شيء..
    إذا أحببتها فلن تستطيع أن تراها.. لماذا؟ لان الحب أعمى.
    يمكننا عمل الكثير بالحق لكن بالحب أكثر..
    لكن الحب أعمى والمحبون لا يستطيعون أن يروا الحماقات الصارخة التي يرتكبونها هم أنفسهم..
    إن المرأة العظيمة تُلهمُ الرجل العظيم، أما المرأة الذكية فتثير اهتمامهُ.. بينما نجد إن المرأة الجميلة لا تحرك في الرجل أكثر من مجرد الشعور بالإعجاب، ولكن المرأة العطوفه.و. المرأة الحنونه.. وحدها التي تفوز بالرجل العظيم في النهاية..
    الرحمة جوهر القانون، ولا يستخدم القانون بقسوة إلا للطغاة..
    يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة..
    أن الحزن الصامت يهمس في القلب حتى يحطمه..
    إننا نعلّم الآخرين دروساً في سفك الدماء.. فإذا ما حفظوا الدرس قاموا بالتجربة علينا..
    على المرء أن ينتظر حلول المساء ليعرف كم كان نهاره عظيماً..
    إن الغيرة وحش ذو عيون خضراء..
    الذئب ما كان ليكون ذئباً لو لم تكن الخرافُ خرافا..
    لا يكفي أن تساعد الضعيف بل ينبغي أن تدعمه..
    قسوة الأيام تجعلنا خائفين من غير أن ندري تماماً ما يخيفنا.. إذ إن الأشياء التي تخيفنا ليست إلا مجرد أوهام..
    مداد قلم الكاتب مقدس مثل دم الشهيد!..
    ليس من الشجاعة أن تنتقم، بل أن تتحمل وتصبر..
    من خلال أشواك الخطر، نحصل على زهور السلام..
    لا يتأوه عاشق مجاناً..
    عندما تأتي البلايا لا تأتي كالجواسيس فرادى.. بل كتائب كتائب..
    لا ترى كل ما تراه عينك ولا تسمع كل ما تسمعه إذنك..


المرحلة الأولى

كان شكسبير في هذه المرحلة كاتباً مبتدئاً بالمقارنة مع معاصريه من الكتاب مثل جون ليلي J.Lyly ومارلو وتوماس كيد T.Kyd. لم تتسم أعماله في هذه المرحلة بالنضج الأدبي والفني، بل جاءت بنية نصوصه سطحية وغير متقنة، وتركيباته الشعرية متكلفة وخطابية. وانتشرت في هذه الفترة المسرحيات التاريخية، نتيجة الاهتمام الكبير بتاريخ انكلترا، خاصة بعد هزيمة أسطول الأرمادا الإسباني The Spanish Armada عام 1588، ولرغبة الجمهور بتمجيد البطولات والتعلم من عِبَر التاريخ. كتب شكسبير في هذه المرحلة مسرحيات عدة تصور الحقبة ما بين 1200 و1550من تاريخ إنكلترا، وتحديداً الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عائلتي لانكستر Lancaster ويورك York، مثل ثلاثيته «الملك هنري السادس» Henry VI ت(1590ـ1592)، و«الملك رتشارد الثالث» Richard III ت(1593) التي صور فيها النتائج السلبية لحكم ملك ضعيف. وتغطي هذه المسرحيات الأربع المرحلة الممتدة منذ حكم هنري السادس وحتى هنري السابع وبدء حكم سلالة تيودور Tudor، التي تنتمي الملكة إليزابيث إليها، وتسمى بحقبة حرب الوردتين War of the Roses. ويشبه أسلوب شكسبير فيها أسلوب مسرح العصور الوسطى، ومسرح الكاتب الروماني سينيكا Seneca ومسرح توماس كيد العنيف، ويظهر هذا في دموية بعض المشاهد في المسرحيات الأربع، ومن خلال اللغة الخطابية الطنانة. وظهرت هذه الخاصية في مأساة «تايتُس اندرونيكوس» Titus Andronicus ت(1594) حيث صور شكسبير الانتقام والقتل بتفاصيل دموية مرئية على الخشبة فجاءت أقل نصوصه صقلاً ونضجاً. ويمزج شكسبير هنا التاريخ والسياسة والشعور الوطني لدى شخصياته التاريخية مع روح الفكاهة في رسمه بعض الشخصيات الكوميدية.

كتب شكسبير في هذه المرحلة أيضاَ عدداً من النصوص مثل «كوميديا الأخطاء» The Comedy of Errors ت(1592)، وهي مسرحية هزلية تتبع أسلوب الملهاة الرومانية التقليدية من حيث الالتباس في هوية الشخصيات والتشابه بينها، والهرج والمرج الذي ينتج عن ذلك، و«ترويض الشرسة» The Taming of the Shrew ت(1593)، التي ركز فيها على الشخصيات وتصرفاتها وانفعالاتها وسلوكها كخط أساسي للمواقف المضحكة والمحملة بالمعاني في الوقت نفسه، ومسرحية «سيدان من فيرونا» The Two Gentlemen of Verona ت(1594) التي تحكي عـن الحب الرومنسي، و«خـاب سـعي العشاق»Love’s Labour’s Lost ت(1594)، التي قدم فيها صورة سلبية عن الحب وما يرافقه من تغيرات وتحولات في شخصيات وسلوك العشاق وما يصدر عنهم من تصرفات صبيانية.

وتأتي هذه الأعمال المسرحية لشكسبير مجتمعة في هذا العرض الذي يجمع بالإضافة إلى أشهر مسرحياته التي شهدت مسارح العالم تشخيصها منذ زمن إبداعها كـ: يوليوس قيصر، هملت، عطيل، روميو وجولييت، الملك لير، تاجر البندقية، يجمع عدداً من مسرحياته الأخرى والتي لا تقل روعة عن غيرلها وهذه المسرحيات حملت العناوين التالية: العين بالعين، مأساة كريولانس، مكبث، حلم ليلة صيفية، ريتشارد الثالث، سيدان من فيرونا، خاب سعي العشاق، العاصفة، ملهاة الأخطاء.

المرحلة الثانية: هي المرحلة الغنائية (1595-1600) وتشتمل على معظم قصائده الشهيرة وبعض مسرحياته الخفية، مثل "ريتشارد الثاني" و"حلم منتصف ليلة صيف" و"تاجر البندقية" التي ترجمت جميعها إلى العربية مع بعض روائعه الشهيرة مثل "روميو وجولييت" و"هنري الخامس" ويوليوس قيصر" و"كما تهواه". ومن مسرحيات هذه المرحلة كذلك "زوجات وندسور المرحات" و"ضجيج ولا طحن".

المرحلة الثالثة: وهي أهم المراحل على الإطلاق، إذ تمثل قمة نضوجه الفني. فقد كتب فيها أعظم مسرحياته التراجيدية، مثل "هاملت" و"عطيل" و"الملك لير" و"مكبث" و"أنطوني وكليوباطرا" و"بركليز" و"كريو لينس" و"دقة بدقة" و"بتمون الأثيني" وخير ما انتهى بخير". وقد ترجم معظمها إلى العربية.

المرحلة الرابعة: وهي المرحلة التي اختتم بها شكسبير حياته الفنية (1609-1613)، وقد اشتملت على مسرحيات "هنري الثامن" و"العاصفة"، مما ترجم إلى العربية، وعلى مسرحيتي "قصة الشتاء" و"سمبلين". وفي هذه المرحلة نجد العواطف النفسية العنيفة وقد خبت وتحولت في نفس الشاعر إلى نظرة تقبل ورضى وأمل وتأمل. هذا وقد كان لشكسبير أثره الكبير في آداب جميع الأمم على الإطلاق، وتأثر به جميع الكتاب والشعراء والأدباء في كل البلدان وفي كل العصور، في القارة الأوروبية وفي الأمريكتين، وفي غير ذلك من القارات في القرن السابع عشر والثامن عشر والقرن التاسع عشر خاصة وحتى في القرن العشرين.

السبت، 1 ديسمبر 2007

محمود السعدنى












ولد محمود السعدني في منطقة الجيزة بالقاهرة الكبرى و أرتبط بهذه المنطقة إرتباطاً كبيراً لدرجة أنك لن تجد كتاب للسعدني لم يذكر فيه الجيزة .

عمل السعدني في بدايات حياته الصحفيه في عدد من الجرائد و المجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي بالقاهرة و يصف السعدني تلك الجرائد بأنها " كانت مأوى لعدد كبير من النصابين و الأفاقين " و يضيف بأن صدمته كانت كبيرة فليس هذا هو عالم الصحافة ذات الجلالة الذي يحلم به .

إنتقل بعد ذلك للعمل في مجلة " الكشكول " التي أصدرها مأمون الشناوي و تتلمذ على يديه إلى أن أغلقت أبوابها. ثم عمل في عدد من الجرائد بالقطعه مثل جريدة " المصري " لسان حال حزب الوفد و عمل أيضاً في دار الهلال . كما أصدر و رسام الكاريكاتير طوغان مجلة هزلية سرعان ما أغلقت أبوابها بعد صراع مع الرقابة و شركات التوزيع .

السعدني بعد ثورة 1952

أيد السعدني الثورة بكل قلبه، بالرغم من عدم معرفته لأهدافها في ذلك الوقت ، فقد كان يطمح إلى تغير الأحوال بعد المعاناة التي عاشها الشعب المصري في ظل الحكم الملكي ، كما أنه كان يعرف أحد قادة الثورة و هو البكباشي أنور السادات و الذي جالس السعدني و زملائة بضعة مرات في كازينو الجيزة.

عمل السعدني بعد بداية الثورة بفترة في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة و كان رئيس مجلس إدارتها أنور السادات و رئيس تحريرها كامل الشناوي و أخرون . و قدم السعدني خلال الفترة التي قضاها في الجمهورية عدد من التحقيقات و الموضوعات المميزة كما سافر في مهام صحفيه إلى خارج مصر . و عقب انتقال السادات إلى رئاسة البرلمان المصري ، صدر قرار بالاستغناء عن خدمات محمود السعدني ، الذي لم يكن المفصول الوحيد ، بل فصل معه بيرم التونسي و عبدالرحمن الخميسي و عشرات من الصحفيين الأكفاء .و قد أشار الكاتب في احدى كتبه إلى أن فصله كان بسبب نكتة أطلقها على السادات

روزاليوسف

عقب قرار فصل السعدني من الجمهورية بأسابيع قليلة استدعاه إحسان عبدالقدوس للعمل معه في مجلة روز اليوسف الإسبوعيه كمدير للتحرير و كانت روز اليوسف ملكية خاصة في ذلك الوقت لوالدة إحسان السيدة فاطمة اليوسف .

و يصف السعدني الفترة التي قضاها بروز اليوسف بأنها كانت الأفضل في حياته ، كما يصف الجو العام في روز اليوسف بأنه جو إبداع مثالي فلا توجد صراعات في الدار و يعود السبب في ذلك لكون أصحابها هم من يديرونهابأنفسهم فلم يجد فيها المشاكل المزمنة التي تعاني منها الجمهورية . و عادت إلى السعدني روحه الساخرة و تمكن من إنجاز عدد من الكتب و المقالات المميزة .

زمن عبد الناصر

عقب زيارة صحفية قام بها السعدني إلى سوريا أثناء الفترة التحضيرية للوحدة بين البلدين ، حمَلَ أعضاء الحزب الشيوعي السوري السعدني رسالة مغلقة للرئيس جمال عبد الناصر و التي كانت تحمل تهديداً لناصر بالخروج على خطة السياسي إذا لم يفرج عن الشيوعين المصريين المعتقلين في سجونه ، و لم يكن السعدني يعلم بمحتوى الرسالة و قام بتسليمها لأنور السادات .

كانت نتيجة ذلك أنه تم اعتبار السعدني " شيوعياً " و تم إلقاء القبض عليه بعد فترة و قضى في المعتقلات قرابة العامين ، تنقل خلالها بين معتقلات القلعة و الواحات و الفيوم .

أفرج عن السعدني بعد ذلك ليعود إلى عمله في روز اليوسف و التي كانت قد أممت و تولي رئاسة تحرير مجلة صباح الخير .

و أنخرط السعدني في العمل السياسي حيث أنضم إلى التنظيم الطليعي وكما يقول عن نفسه واصفاً دوره السياسي في ذلك الوقت " إذا كان محمد حسنين هيكل هو سفير عبد الناصر للدوائر السياسية العالمية ، فقد كنت سفير لعبد الناصر لدى الشعب المصري في الداخل " و هذه المقولة توضح حجم دور السعدني في مصر بتلك الفترة .

و لقد كان للسعدني في ذلك الوقت شهرة و نفوذ كبيرين ، حتى ان بريد قرائة كان الأضخم بين جميع الكتاب العرب ، كما كان بإستطاعته إنجاز معاملات معارفه بمكامله تليفونيه واحده .

و قدم السعدني برامج للتلفزيون المصري كما قام بكتابة مذكراته الشخصيةو عدد من المسرحيات التي مثلت على مسرح التلفزيون .

مراكز القوى

عقب وفاة عبدالناصر حدث صراع على السلطة بين الرئيس أنور السادات وعدد من المسؤلين المحسوبين على التيار الناصري مثل شعراوي جمعه و سامي شرف و محمود فوزي و غيرهم . و إنتهى الصراع بإستقالة هؤلاء المسؤلين و اعتقال السادات لهم و تقديمهم للمحاكمة بتهمة محاولة الانقلاب و كان اسم محمود السعدني من ضمن أسماء المشاركين في هذا الانقلاب و تمت محاكمته أما " محكمة الثورة " و أدين و سجن .

و كما يقول محمود السعدني فإن القذافي حاول التوسط له عند السادات إلا أن السادات رفض وساطته و قال " أن السعدني قد أطلق النكات علىّ و على أهل بيتي ( زوجته جيهان السادات ) و يجب أن يتم تأديبه و لكني لن أفرط في عقابه " .

و بعد قرابة العامين في السجن أفرج عن السعدني و لكن صدر قرار جمهوري بفصلة من صباح الخير و منعه من الكتابة بل و منع ظهور اسمه في أي جريدة مصرية حتى في صفحة الوفيات .

و بعد فترة قصير من المعاناة قرر السعدني مغادرة مصر و العمل في الخارج .

السعدني في المنفي

غادر السعدني مصر متوجهاً إلى بيروت حيث استطاع الكتابة بصعوبة في جريدة السفير و بأجر يقل عن راتب صحفي مبتدء ، و السبب في صعوبة حصوله على فرصة عمل هو خوف أصحاب الدور الصحفية البيروتية من غضب السادات .

قبل اندلاع الحرب الأهلية غادر السعدني إلى ليبيا للقاء القذافي و الذي عرض عليه إنشاء جريدة أو مجلة له في بيروت إلا أن السعدني رفض ذلك خوفاً من إغتياله على يد تجار الصحف اللبنانيين و الذين سيرفضون بالتأكيد هذا الوافد الجديد و الذي سيعد تهديداً لتجارتهم الرائجة .

و أثناء الحوار و بدون قصد سخر السعدني من جريدة القذافي الأثيرة " الفجر الجديد " و نعتها بالـ " الفقر الجديد " عندما عرض عليه القذافي الكتابة بها و انتهى لقائه معه بدون نتيجه و لم يبدي القذافي حماس كبير لإصدار مجلة 23 يوليو التي إقترح السعدني إصدارها في لندن بل سخر من فكرة إصدارها هناك كما لم يرق له إصدار مجلة ساخرة .

في أبو ظبي

في عام 1976 وصل السعدني إلى أبوظبي للعمل كمسئول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم في الإمارات ، ويبدو انه لم ترق له الفكرة ، لذا قبل بالعرض الذي تقدم به عبيد المزروعي وهو إدارة تحرير جريدة الفجر الإماراتيه.

كان العرض مقامرة سياسية جازف بها عبيد المزروعي بخاصة وان السعدني وضع شروطا مهنية قاسية اهمها عدم التدخل في عمله وهو الشرط الذي يبدو أنه تسبب بعد أقل من أربعة أشهر بمصادرة أحد أعداد جريدة الفجر من الأسواق بسبب مانشيت أغضب السفارة الإيرانية في أبوظبي وكان إيران يومها تطالب بالإمارات كلها وتعتبرها من "ملحقيات إيران". لذا لم تغفر سفارة إيران للسعدني رفعه شعار (جريدة الفجر جريدة العرب في الخليج العربي) وطالبت السفارة الإيرانية صراحة حذف صفة "العربي" عن الخليج لانه (خليج فارسي) كما يقولون.

تعاقد محمود السعدني مع (منير عامر) من مجلة "صباح الخير" القاهرية، ليتولى وظيفة سكرتير التحرير وليدخل إلى صحافة الإمارات مدرسة صحافية مصرية جديدة هي "مدرسة روزاليوسف" بكل ما تتميز به من نقد مباشر وتركيز على الهوية القومية والابتعاد قدر الإمكان عن التأثير المباشر للحاكم وصانع القرار.

حائر في الخليج العربي

بعد ضغوط إيرانية على حكومة الإمارت أضطر السعدني إلى مغادرة أبوظبي إلى الكويت حيث عمل في جريدة السياسة الكويتية مع الصحفي أحمد الجارالله و لكن تلك الضغوط لاحقته هناك أيضاً فغادر إلى العراق ليواجه ضغوط من نوع جديد ، و هي ممارسات الموظفين العراقيين المسؤولين في مكتب مصر بالمخابرات العراقية الذين مارسوا ضغوطاً كبيرة عليه لإخضاعه فكان قراره بعد لقاء مع نائب الرئيس العرقي في ذلك الوقت صدام حسن بمغادرة العراق إلى لندن .

مجلة 23 يوليو

بتمويل غير معلن من حاكم الشارقة الحالي تمكن السعدني بالإشتراك مع محمود نور الدين ( ضابط المخابرات المصري المنشق على السادات ) من إصدار مجلة 23 يوليو في لندن ( و كانت أول مجلة عربية تصدر هناك ) و التي حققت نجاحاً كبيراً في العالم العربي و كانت تهرب إلى مصر سراً . و إلتزمت المجلة بالخط الناصري و كان السعدني يتوقع أن تلقى المجلة دعماً من الأنظمة العربية الرسمية إلا أن ذلك لم يحدث و حوصرت المجلة مالياً من أنظمة دول ترفع شعارات عروبيه في الظاهر مثل العراق و ليبيا و سوريا ، و على حد تعبير السعدني " كان يجب على أن ارفع أي شعار إلا 23 يوليو لأحظى بالدعم " .

و إنهارت 23 يوليو و توقفت عن الصدور ، و عاد السعدني وحيداً يجتر أحزانه في لندن إلى أن إغتيل أنور السادات في حادث المنصة الشهير في 6 أكتوبر 1981 م .

العودة إلى مصر

عاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات بفترة و أستقبله الرئيس مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر .